2023-07-02 - مخيمات صور أرشيف 2023-07-02 - مخيمات صور

الجمعة، 7 يوليو 2023

محمود العالول " ابو جهاد" قائد وطني تنحني له الرؤوس احترامًا.. وتنتصب له القامات اجلالاً وإكبارًا"

 


فراس الطيراوي

في تاريخ الشعوب والدول ايقونات سياسية ووطنية استثنائية تفرض نفسها عليك ما يجعلك تتوقف عندها, أيقونات وطنية ضحت بالغالي والنفيس من اجل الوطن والشعب وكانت رمزاً للوفاء لمن يجسدون هذه التضحيات بما قدموه من نموذج وقدوة ومثل أعلى في حب الأوطان والانتماء الشديد للأرض، فلا توجد تجربة بشرية شهدت خلالها دولة من الدول استقلالاً من دون تضحيات جسام وأبطال وقادة عظام مؤسسين كانوا وقوداً للانتصارات وتصدروا الصفوف وكانوا أيقونات للصمود والفخر الوطني ومن تلك القامات التي تنحني لها الرؤوس احترامًا ، وتنتصب القامات لها اجلالاً وإكرامًا الاخ القائد محمود العالول" ابو جهاد" ,كيف لا وهو والد الشهيد والمناضل الكبير والمقاتل الصنديد، وقائد الوحدة الخاصة التي أسرت عام 1983 ثمانية جنود صهاينة شكلوا ورقة رابحة للثورة الفلسطينية بشكل عام ولحركة فتح بشكل خاص التي تمكنت من تحرير اسرى فلسطينيين وعرب من باستيلات بني صهيون مقابل اطلاق سراحهم! كيف لا وهو الذي دوماً  يتقدم  الصفوف، وأول من يواجه وأول من يبادر، وأول من يقاتل. وهو القائد الإنسان الذي امتلك دوماً الرؤية الفكرية الكفاحية ، المُتسلح دوماً بعقيدة وحدوية، متعالي على الآلام والجراح، حقا ان ما حدث في جنين القسام اثناء تشييع شهدائنا الابرار من قبل ثلة مأجورة ومعروفة اتباع فكر ظلامي تكفيري يدمي القلب، حقا نحن في الزمن المقلوب ، نحن في زمن يتلاعبُ فيه تجّار الكلمه وابطال السوشيال ميديا بكل شيء ، حقا وبدون مواربة نحن في زمن العهر السياسي؟ لان البعض يحاولون تحقيق ما يصبون اليه من خلال سلوك الطرق الملتوية المعبدة بالكذب والنفاق والغش والخداع ، لأنَّ الغايات النبيلة والأهداف العظيمة لا تتحقق إلا بالاستقامة.. واحترام النفس ...وإقصائها عن كلِّ ما يشوّهُ جوهرها,... ويسيء لمنظرها, لاسيما وأنَّ النفس الإنسانية لا ترتقي مدارج السمو والرفعة, إلا..... بالنبل والعفة وحفظ الكرامة.

العتاب لن يجدي لاننا في زمنٍ لاينفعُ فيه اللّوم ولايجدي العتاب، زمن اختلّت موازينه، وبُدّلت معاييره، واختلطت مفاهيمه، واستبيحت حرماته، وتعطّلت عجلة الخير فيه، فأصبح الآسنُ فيه عذباً، والعذبُ أجاجاً، والحلال حراماً، والحرام حلالاً، والصدق كذباً، والكذب مكرمة، والحبّ ضعفاً، والضعف إقداماً، والاستقامة تهمة، والثقافة لهواً، والفجور منهجاً، والإيمان كفراً، والكفر جهاداً.

ولايساورني أدنى شك أن من اخاطبهم تلميحاً و يقينا يعرفون حق المعرفة ان لديهم من الفهم والحذاقة والوعي مايكفي لإدراك القصد ومعرفة المراد. فهم في نظرنا أذكى من أن يجبرونا على قول مالايحبون سماعه، وكتابة مالايتمنون قراءته، ونشر مايحبذون كتمانه، والردّ على مايجتهدون لتبريره زوراً وبهتاناً حتى يدفعوا بالكثير نحو بؤرة الخطا و التجريم فيصبح المتهمون وهم الابرياء و الحلقة الاضعف وهم الاقوى مستثمرين قدراتهم على تجسيد الادوار وتلونهم السريع وخداع الناظر والسامع

بتنا نعيش في زمن  فقدت فيه الكثير من الاشياء معانيها ومضامينها وانقلبت الكثير من معانيها فاصبح الهدف وسيله وتحولت الوسيله الى هدف أعرفُ أنني في زمن يؤثر فيه «المعتدلون» الصمت على قول كلمة الحق، ويستبدل المتطرفون الحق بالباطل، والخير بالشر، والنور بالظلمة، ويتلطى الانتهازيون وراء الأكمة صامتين عن كلّ شيء إلا عن مصالحهم وأطماعهم التي لاتقف عند حدّ، وأعرف أنني لن أخدش حياء الجبناء والمترددين بتلميح هنا أو تصريح هناك لأنهم فقدوا الحياء، وماتت فيهم النخوة والرجولة، وتحولوا إلى أمعات لايرتجى منها خيراً، ولايعوّل عليها في الشدائد والصعاب، حقا نحن في الزمن المقلوب في زمن تعتدي فيه أشباه الرجال على تاريخ من صنعوا التاريخ، ورفعوا راية الأمة في سماء المجد، وكتبوا بأحرف من نور على جبين الشمس أسمى معاني الحرية والكبرياء، ورسموا على وجه السماء خارطة المستقبل النابض بالبناء والتقدم والعزّ والكرامة من اجل تحرير فلسطين وكنس الاحتلال الصهيوني البغيض.‏ إلا أنني رغم ضبابية المشهد اثقٌ وغيري كثر بان رحم هذا الوطن ولاد وان هناك عظماء وحكماء وشرفاء من كافة الفصائل ، ورجال مخلصين سيعيدون للزمن ألقه، ويصلحون موازينه، ويداوون جراحه، وينقّون مفاهيمه، وينفضون عنه غبار الشر لتعود سماؤه صافية، وينابيعه عذبة، وأحكامه عادلة، ولغته غنية بالمحبة والوئام والايثار والأمن والأمان والوحدة الوطنية التي يجب ان تكون دوما هي العنوان.  

ختاما : لا بد من وقفة لاستخلاص العبر والدروس وتصويب مسيرتنا وتخليصها من الشوائب ، وهذا يستدعي التخلص من كافة مظاهر الفرقة والانقسام مهما كانت حتى نبقى اوفياء للشهداء الابرار والاسرى الابطال، نصون الوحدة الوطنية كعنواناً للعطاء في سبيل الوصول للأفضل، ولنقول للعالم خيارنا مقاومة ، وجذورنا تستعصي على القلع وعلى الكسر.. سيظل الشعب الفلسطيني متشبث في ارضه حتى تحقيق اهدافه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

 

لقاء تضامني شبابي مع مخيم جنين




بدعوةٍ من اللجنة الشبابية والطلابية لدعم القضية الفلسطينية، ودعمًا وإسنادًا للصمودِ الأسطوريّ الذي خُطَّ بسواعدِ ثو.ار مخيم جنين وأهله، شارك المكتب الطلابي الحركي لحركة "فتـح" - إقليم لبنان في اللقاءِ الشبابيّ الطلابيّ، اللبنانيّ الفلسطينيّ، التضامنيّ مع مخيم جنين وثو.اره وذلك اليوم الخميس ٦-٧-٢٠٣٣ في مقر القيادة المركزية لحزب البعث العربي الإشتراكي في بيروت.


كلمة المكتب الطلّابي لحركة "فتـح" ألقاها عضو قيادة المكتب في لبنان مسؤول العلاقات الأخ محمود حسين الذي وجه فيها التحية إلى الإخوة والرفاق في المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية مُثنيًا على وقفاتهم الدائمة إلى جانبِ الحقِ الفلسطينيّ، ثم توجه بالتحية إلى قوافل الشه-داء والأسرى والجرحى، مُضيفًا بأن معركة (ثأر جنين) ما هي إلا خير الشاهد والدليل على أن نضال شعبنا الفلسطينيّ لم ولن يضمحل مهما طال الزمن واشتدت المؤامرات.


هذا وقد تخلل الوقفة كلماتٌ عديدة أكدت بمجملها على حقِ الشعبِ الفلسطينيّ في الدفاعِ عن وطنهِ وأرضهِ، مُثنيةً على الصمودِ الأسطوريّ والنصرِ المؤزر الذي حُقق في مخيم جنين بوجه آلة الحرب الصهيو-نية، وجرى التأكيد بأن هذا النصر لم يتحقق إلا بفعل الوحدة الميدانية، حيثُ تعانقت بنا.دق كافة المجموعات العس-كرية وفي مقدمتها كتائب شهداء الأقصى وسرايا القد.س.

الرئيس يشكر الرئيس الجزائري على تقديم منحة عاجلة لإعادة إعمار جنين

  


تقدم رئيس دولة فلسطين محمود عباس ببالغ الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية الجزائرية الشعبية الديموقراطية عبد المجيد تبون على قراره بمنح مساهمة مالية عاجلة بقيمة 30 مليون دولار للمساعدة في إعادة إعمار مدينة ومخيم جنين.

وأعرب الرئيس عن تقديره للرئيس تبون وحكومته وشعب الجزائر الشقيق على الدعم السياسي والاقتصادي الذي تواصل الجزائر تقديمه لدعم الشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته العادلة على طريق الحرية والاستقلال.

ــــ

جنين وكلمتا سر الحكومة الإسرائيلية!

 

أكرم عطا الله


2023-07-07

لكل مؤسسة سياسية بصمتها الخاصة وعقدتها ودوافعها ومحركاتها، وهي خليط من المصالح والقناعات والهواجس التي تغذيها تقارير الأمن التي يرتفع فيها عادة منسوب الأدرينالين ولا يمكن دوما تفسير القرارات بنموذجية، فقد كشف كثير من المذكرات ما يكفي من الفضائح لكن بعد فوات الأوان بعد أن أسدل الستار على حقب تاريخية كانت عالية الكلفة.
حكومة إسرائيل الأخيرة ربما أراحت المحللين والمتابعين من البحث عن كلمة السر فيها، فهي شديدة الوضوح لا تناور ولا تخفي قراراتها خلف حملات العلاقات العامة كما يفعل الكثير من الحكومات.
وحين ينبغي معرفة محركات هذه الحكومة لا بد من رصد مسألتين هما الأبرز في دوافعها وتقف خلف معظم قراراتها إن لم يكن جميعها.
الأولى هي القوة الهائلة التي تمتع بها بتسلئيل سموتريتش بعد نتائج الانتخابات وخصوصية الائتلاف الحكومي وبرنامجه الذي أعلن العام 2018، لذلك قاتل من أجل الحصول على ثلث وزارة الدفاع ليتولى المسؤولية المدنية عن الضفة الغربية، وفي هذا ما يشي بضم بشكل مباشر بما يتوافق مع فكره السياسي باعتبارها «أرض التوراة «وأن الفلسطينيين غرباء فيها.
أما المسألة الثانية التي تقف خلف القرارات فهي الملاحقات القضائية لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو والذي يفعل كل شيء من أجل استمرار هذه الحكومة، وحينها يصبح سموتريتش وبرنامجه في الائتلاف هو السياسة الأكثر اعتماداً بصرف النظر عن التكلفة السياسية والعلاقات الدولية التي ينظر لها رئيس حزب الصهيونية الدينية بازدراء شديد مكملا طريقه غير آبه بالصوت الخافت المنبعث من العواصم الكبرى، بما فيها واشنطن التي ترتفع شكواها المستضعفة من الاستيطان.
وفي قرارات الحكومة تفوح رائحة الملاحقات القضائية لنتنياهو سواء الداخلية الإسرائيلية أو العسكرية أو السياسية وقد بلغت حدا بات يجر إسرائيل الداخل والمنطقة نحو زوايا مظلمة ودامية وبضمنها قرار الهجوم على جنين وهي ما سماها الصحافي أوري مسغاف في جريدة هآرتس ساخرا بـ «عملية حارس مطار بن غوريون» أي أنها نفذت بالدرجة الأولى ضد المتظاهرين على طريق المطار ولصناعة سحب من الدخان للتغطية على شهادة المليونير ميلشين في برايتون ضد نتنياهو في محكمة الفساد مقترحا اسما آخر مثلا «جرف برايتون» وهي المدينة البريطانية الجنوبية التي قدم فيها ميلشين شهادته مستعيرا الاسم من عملية «الجرف الصامد» التي شنتها إسرائيل عام 2014 على غزة.
لم ينشر الجيش الإسرائيلي صوراً لترسانات الأسلحة التي تحدث عنها. كل ما صدر صورة حفر في مسجد ليس أكثر، ولم يستعرض قتل المطلوبين ولا اعتقالهم ولا تنظيف المخيم بما لا يتناسب مع  الحملة الإعلامية التي صاحبت العملية بدءا من الحديث عن احتياطات السرية المطلقة من خلف الكابينيت خوفا من التسريب وصولا للصورة النهائية التي يلتقطها نتنياهو قرب ميدان المعركة.
لكن كل ما يحدث لا يتعارض مع الفكر السياسي لأعضاء الحكومة الذين يتوزعون ما بين قومي وديني يجمع كلاهما على ضم الضفة الغربية، وأبرزهم نتنياهو الذي كشف عن حلمه قبل أكثر من ثلاث سنوات من خلال صفقة القرن التي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليتكفل بالإعلان عنها، ولكن ارتباطا بمتغيرات الواقع طرأ تطور مهم يجب التوقف أمامه بعمق.
هذا التطور تجسد بتصريح نتنياهو الذي يمثل تراجعا حتى عن صفقة القرن بأن «على الفلسطينيين نسيان فكرة الدولة الفلسطينية ....وأن بقاء السلطة ضروري ولا نريد إضعافها». طبعا وبالتأكيد فإن سلوك إسرائيل في الضفة يؤدي لإضعاف السلطة لتنتهي من تلقاء نفسها بالتدريج وليس بضربة واحدة تترك بصمة إسرائيلية أمام العالم الذي لا يزال يرى في السلطة مكونا من مكونات الاستقرار.
لكن ذلك يجب أن يضيء الأضواء الحمر لدى السلطة كمؤسسة بات يرسم لها الإسرائيلي دورا وظيفيا يتعارض مع دورها الوطني وحاجة الفلسطينيين لها، وهو الدور الوظيفي الذي قاتله الفلسطينيون ومنظمة التحرير في سبعينيات القرن الماضي باعتباره دورا مساندا لاستمرار حكم شعب آخر وذراعا لتخليد الاحتلال.
هذا التطور يضع السلطة الفلسطينية في مأزق شديد الوضوح حيث بدت بين خيارين أحلاهما مر فإما أن تنتهي وتنحل ويسهل حينها ضم الضفة أو تستمر بمهمة تفرضها الضرورة الإسرائيلية. وفي كلا الخيارين ما يعكس الأزمة الفلسطينية المتدحرجة التي تصل إلى لحظة حرجة تنغلق أمامها الخيارات من سلطة تفاوض بجدية في سنواتها الأولى على الحل وإقامة الدولة إلى سلطة تفاوض بيأس وتقوم بتحمل مسؤولية السكان انزلاقا لسلطة تؤدي دورا وظيفيا إداريا دون أي مضمون سياسي أو أمل سياسي يشيع جثمانه تصريح نتنياهو وواقع الحكومة الإسرائيلية.
وما حدث مع حركة فتح يحدث مع حركة حماس مع فرادة كل منطقة وخصوصيتها وأيضا وفقا للمشروع الإسرائيلي، فقد تسلمت الأخيرة حكم السكان في غزة لتتكفل بالقيام بالدور الإداري مستحيل النجاح في ظل تحكم الاحتلال بالمصادر والمعابر لتبدو الحالة الفلسطينية تنزلق وباتت تخضع بكليتها لابتزاز المقايضة باتجاهات خارج مسار العلاقة بين الاحتلال وشعب محتل، وباتت تدور في مدار آخر في غلاف الاحتلال وهو ما لا يتناسب مع مشروع التحرر الوطني، وحين تنغلق الخيارات ويتبدى المأزق بهذا القدر لا بد من تفكير مختلف.

نتنياهو: من فشلٍ إلى فشلٍ أكبر!

 

عبد المجيد سويلم




.. وكأنّ بنيامين نتنياهو كان ينقصه الفشل!
بصرف النظر عن كلّ ما قيل، وما زال يُقال، وعن كلّ ما سيُقال في أبواق الدعاية عن عملية "الخمسين" ساعة، وبصرف النظر عن كلّ ما سينجم عن الهجوم الإسرائيلي على مُخيّم جنين ومدينته الوفيّة، فإنّ الدافع الرئيس لهذا القدر من الإجرام، ومن الرغبة الجامحة للتوغُّل في دماء الفلسطيني هو الفشل.
سجّل نتنياهو أرقاماً قياسية في هذا الفشل.
فقد فشل إلى حُدود الفضيحة في معركته "الحاسمة والمصيرية" حول "الإصلاح القضائي"، وتحوّل "نجاحه" في هذه المعركة المصيرية، إذا قُدّر له أن يواصلها إلى وصفة أكيدة للحرب الداخلية الطاحنة في "واحة الديمقراطية" في كامل الإقليم. وهي حرب ما زالت على جدول الأعمال، ولا يستطيع أحدٌ كائناً مَنْ كان أن يجزم بعكس ذلك.
وليت أنّ الأمر يقف عند هذا الحدّ!
مُصيبة نتنياهو هي أنّه إذا خسر هذه الحرب، أو تراجع عن خوضها فهو شخصياً سيدفع الثمن، وحزبه سيدفع الثمن الأكبر والأخطر، وحكومته التي يستظلّ بها للهروب من المُحاكمة ستسقط، وبذلك فإنّ استنكافه عن مواصلة حرب "الإصلاح القضائي" ستكون بمثابة، ليس العودة إلى المُربّع الأوّل فقط، أو الرجوع إلى دائرة الصفر.. وإنّما الوصول إلى الانهيار التامّ والغرق المحتوم.
كما سجّل نتنياهو فشلاً مُدوّياً في قصّة تَوالي "انتصاراته" "التطبيعية"، وتأكّد له بالملموس والمحسوس أنّ "تطبيع" علاقات دولة الاحتلال مع "العربية السعودية" يحتاج إلى "أثمان" لا يقوى على دفعها، فإنّ مصيره ليس أفضل حالاً من مصيره الذي تحدّثنا عنه أعلاه.
وفشل نتنياهو فشلاً مُدوّياً آخر في جرّ المؤسّسة العسكرية والأمنية لديه، والتي هي من نفس بطانته، وتوجّهاته أحياناً، إلى شنّ "الهُجوم" الذي ظل يتبجّح به حول ضرب "المفاعلات النووية الإيرانية"، وكان هذا الفشل بالذات فشلاً مزدوجاً، لأنّ الإدارة الأميركية ما زالت مُتردّدة في السماح له بهذا الهجوم، بالرغم من أنّها ــ أي الإدارة الأميركية ــ تُراقب سَيْر المعارك في أوكرانيا، وما زالت تأمل بسماع بعض الأخبار "السّارة" من هناك، وخصوصاً بعد النكسة التي ألمّت بها إثر فشل محاولة التمرُّد التي قادها زعيم منظمة "فاغنر" هناك.
وستكون الطّامة الكبرى على رأس نتنياهو قد وقعت إذا ما تمّ توقيع اتفاق جديد، حتى ولو مؤقتاً، وكجزءٍ من الاتفاق الشامل بين الإدارة الأميركية وإيران.
وفشل نتنياهو في "إقناع" الإدارة الأميركية بترتيب زيارة له إلى البيت الأبيض، وفشل بإحداث أيّ تغيير في موقف الاتحاد الأوروبي من التوسُّع الاستيطاني، وعلاقاته "الدولية" ــ باستثناء العمليات العسكرية في الضفة ــ متردّية، وسنأتي على المواقف الدولية من هذه العمليات.
وعلى المستوى الاقتصادي لا يبدو أنّ نتنياهو  وحكومته قادرين على تفادي الصعوبات الاقتصادية التي تلوح في الأفق الإسرائيلي، ولا يبدو أنّ "المعارضة" الإسرائيلية في الشارع مستعدة لإبقاء المسائل الاقتصادية والاجتماعية خارج نطاق الصراع السياسي بين طرفي معادلة الصراع السياسي في دولة الاحتلال، خصوصاً إذا تحوّل هذا الصراع ــ وهو يتحوّل ــ إلى صراعٍ على طبيعة الدولة، وعلى النظام السياسي فيها، وعلى علاقة الدين بالدولة، وعلاقة الدين بالسياسة، هذا ناهيكم إذا امتدّ هذا الصراع أفقياً إلى قطاعات الأمن، والصحّة والتعليم، والصناعات "الرياديّة"، وصولاً إلى السياحة والزراعة وباقي القطاعات.
وعلى هذا الصعيد تحديداً فإنّ التحذيرات تتزايد يوماً بعد يومٍ من أزمةٍ اقتصادية أصبحت على الأبواب، ومن جهاتٍ محسوبة على نتنياهو نفسه.
وفشل نتنياهو في مسألة الأمن فشلاً صارخاً، لأنّ الحرب التي شنّها على قطاع غزة لم تؤتِ ثمارها، وتواصلت أعمال المقاومة في الضفة، وازدادت "المجموعات" صلابةً وحذراً، وبدت في الآونة الأخيرة أكثر تنظيماً، وأعلى تنسيقاً، وتعاظمت بصورةٍ لافتة الحاضنة الجماهيرية لهذه المجموعات، وتعاظم المدّ الشعبي نحو حمايتها والدفاع عنها وعن نهجها.
أمام هذا الفشل في كلّ الملفّات، لم يتبقَّ أمام نتنياهو سوى شنّ معركةٍ كبيرة ضدّ "بُؤَر" المقاومة في مُدن الضفة، وفي مخيّماتها، واختار أن يكون مخيّم جنين هو بداية الحرب التي باتت ملاذه الأخير، لخلق "صورة" قد تساعده على تجاوز أزمات الفشل المُتتالية.
على هذا الأساس، ومن على هذه القاعدة تحديداً "خطّط" نتنياهو ومنذ عدّة أسابيع على أقلّ تقدير لشنّ معركته ضد المخيّم.
وإذا أردنا التفصيل قليلاً فإنّ دوافع نتنياهو يُمكن إجمالها بالتالي:
أوّلاً: اتّخذ نتنياهو القرار بأن يتجنّب اجتياح كامل مُدن وقرى ومخيّمات الضفة، وذلك تفادياً "لدخوله" في حربٍ أشمل قد تتحوّل إلى حربٍ إقليمية.
ما كان نتنياهو ليضمن لنفسه بقاء المعركة محصورة في جنين أو محيطها، أو في الضفة، أو غزة، أو حتى جبهات أخرى لو أنّه غامرَ وقامرَ بالاجتياح الشامل.
ثانياً: اعتقد نتنياهو أنّ تحقيق نصر ما في هذه المعركة سيساعده على "امتصاص" الحالة الداخلية في إسرائيل، وربّما يساعده على إعادة العلاقة مع الإدارة الأميركية نحو "التطبيع" معها، واعتقد أنّ فصل القطاع سيظلّ مضموناً ما دامت المعركة محدودة ومحصورة في جنين ومخيّمها، وكان على حقّ هنا.
ثالثاً: اعتقد نتنياهو ــ وهو على حقّ هنا، أيضاً ــ أنّ الوضع الإقليمي والدولي لن يثور في وجهه، وأنّ الحالة الرسمية الفلسطينية في الضفة والقطاع لن تُغامر بقلب الطاولة في وجهه طالما أنّ العملية محصورة في جنين ومخيّمها، في حين أنّ حسابات الأجهزة الأمنية لديه حذّرته من أنّ توسيع العملية إلى أبعد من ذلك قد يؤدّي إلى نتائج عكسية.
لهذا كلّه اختار نتنياهو أن يبدأ من جنين ومخيّمها، وكانت هذه البداية هي "غلطة الشّاطر" فعلاً.
فقد تبيّن لنتنياهو ولجيشه، وأذرعه الأمنية أنّ المجموعات الفلسطينية المقاومة كانت هي بدورها تجهّز نفسها لهذه المعركة، وأنّها أعدّت له ولجيشه وأذرعه الأمنية الكثير من المُباغتات التي ربّما لم تخطُر على بال الجميع منهم. فقد مارست هذه المجموعات المقاومة حرب عصاباتٍ حقيقية، وبعد انقضاء النصف الأوّل من هذا الهُجوم الإسرائيلي على جنين ومخيّمها تحوّلت المعركة بأن فقدت القوات الإسرائيلية زمام المبادرة، وأصبحت هي الهدف لضربات المقاومين.
من دون مُبالغات لا طائلَ من خلفها، ومن دون أيّ تهويل، ومن دون أيّ انجرار للرواية الرسمية الإسرائيلية، وما احتوته من أكاذيب، فإنّ المعركة قد انتهت إلى فشلٍ إسرائيلي كبير بالمقارنة مع ما أعلنته إسرائيل نفسها عن أهداف وتوقُّعات.
هذه المعركة على ما أظنّ ستتحوّل، إن لم تكن فعلاً قد تحوّلت إلى مرحلةٍ نوعيّة جديدة في مقاومة الاحتلال، وسيكون لها ما بعدها، وستترتّب عليها تبعاتٍ وطنية كبيرة.
وهي تحذير ونذير لقوات الاحتلال، وهي بمثابة تحذير ونذير لـ "الرسمية" الفلسطينية في الضفة والقطاع، لأنّ هذا النمط الجديد، من الجيل الجديد، لمقاومة الاحتلال سيسحب البساط من تحت أرجل الاحتلال، ومن تحت أرجل هذه "الرسمية"، بعد أن لمس الجيل الجديد من المقاومة عُمق الالتفاف الشعبي حول الظاهرة، وبعد توحُّد الشعب كلّه حول المُخيّم ومدينته الوفيّة.

ستبقى جنين القسام ومخيمها الصامد رأس الحربة .. ومثلث الرعب للكيان الصهيونى البغيض

 كتب: فراس الطيراوي عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والراي والاعلام/ شيكاغو

جنين القسام لؤلؤة على جبين المجد … وومضة من نور .. وقبلة الشهداء الذين يبللون وود الارض بقطرات الندى ، وشمس الزمان و المكان ، و حلم الفلسطيني الذي يسرج خيله، و قاهرة الغزاة و عرق الكادحين والفلاحين، و عبق الارض والسنبلة ، و دار الاوفياء، و منبع الكرم والجود والناس الطيبين، و عاصفة من رياح الغضب، و هاتكة ازر الظلام … انت ِالقمر والشروق … البذل والعطاء والإيثار من شيمتكِ … وتاريخكِ عريق … عصية على الفناء يعرف ذلك العدو قبل الصديق.
جبلٌ اشمٌ شامخٌ من المقاومين الذين يدافعون عن ثرى فلسطين والقدس، وينثرون التراب الخالد فوق جثامين الشهداء، ونهرٌ يجري بدم الثوار والأحرار، ونبعٌ يتدفق بالمقاتلين الاخيار، والرجال الغر الميامين القابضين على الجمر في زمن الجمر.
فالكتابة تشرق نور ونوار عندما نتحدث عن مدينة جنين القسام ومخيمها الصامد دوما ، فهي ميادين عزة، وكرامة، وكبرياء، وجبال من الشهداء، ومصنعا للرجال الرجال، والابطال الأبطال العصيون جدا الى الحد الذي دفع ” نتنياهو” وعصابته الارهابية الى الجنون، جنون القزم امام المارد، جنون النسمة امام العاصفة ، جنون الموجة امام الإعصار، وستظلون كذلك ايها الأبطال الذين يصمدون، ولا يتراجعون، ويقاومون، ويستبسلون، ويحملون القدس والتاريخ والزمن الطويل، رائعين، مثقلين بحب ارض سيجت كل القلوب بعشقها، ويوزعون صمودهم ، وشموخهم، فهم كالسنديان يشمخ الشموخ به ، يرسمون جبالهم فوق الدروب … ويصعدون الى السماء شهادة … طاب مقامكم ايها الشهداء، المقام الأرفع والأبقى ، طابت الشهادة لكم ، الى علياء المجد رحلتم، وفي سدرة نهاره السرمدي المشرق ستبقون. رغم الصعاب وكثرة الشدائد على اهلنا في جنين ومخيمها وريفها ، الا ان الصمود يحيا في نفوس الصغار والكبار، والتحدي خلخال يزين القلوب، وروائح المسك والعنبر تنبعث من دماء الشهداء الابرار لتنشر في العالم عبق الشهادة وبهامات تنحني إكراماً وإجلالاً لقامات عانقت المدى، وعشقت الحرية، لتكتب الحياة بأحمر الدم وصدق الإرادة.
فالشهادة في سبيل الله والوطن أرقى من الفداء وأشد بأساً من البلاغة، وصوت مدو من السماء مجلجل في الآفاق، يستلب الأسماع ولا يعرف الهوان، إنهم عنوان الإباء والكبرياء قدموا أرواحهم رخيصة، فعانقوا ذروة المجد ليسجلوا على جبين الخلود أسماءهم بأحرف من نور، إنهم الرجال والنساء الذين تنحني لهم الهامات إجلالاً وإكراماً لما بذلوه من أجل عزة الوطن وقدسية ترابه، فهم الخالدون في الضمائر، والخالدون في العقول والقلوب، وهل هناك أشرف وأنبل من الشهداء، رمز وعنوان العنفوان والإباء، وهم الذين علّمونا دروساً في التضحية، فكانوا حقاً مثالاً يحتذى، وقدوة تقتدى، ورمزاً للنضال والكرامة.بفعل المقاومة الباسلة والصمود الأسطوري لشعبنا ولكتيبة جنين والاقصى ولكافة الاجنحة .
ان محاولات السفّاح المجرم الكذاب العنصري الفاشي ” نتنياهو” العسكرية والتي تشهد على دموية ووحشية الحكومة الصهيونية التي تحاول من خلال استمرار عمليات المداهمة والتدمير والقتل والاغتيال والاعتقال أن توصل الحالة الفلسطينية الثائرة والمناضلة إلى مرحلة اليأس والاستسلام لكن وقائع وتطورات الأحداث تؤكد أن المحن ومهما كانت قاسية تساعد وتدفع شعبنا إلى المزيد من الوحدة والتكاتف وتصعيد كل آليات النضال لإفشال هذه المخططات بشكل عام، وفي مخيم جنين بشكل خاص لان له بصمته الوحدوية الخاصة فكل رجال المقاومة ومن كافة الاجنحة يقاتلون سويا وبنفس واحد. فقوافل الشهداء في جنين وكل فلسطين تزيد من عضد شعبنا ويعمق من التزامه بخياراته الأساسية لوأد الأطماع الصهيونية وتحطيمها على صخرة هذا الصمود الأسطوري الرائع وهي جسر العبور والوصول الى القدس وبيت المقدس. وأخيرا ان جرائم الاحتلال الصهيوني البغيض وقطعان مستوطنيه بحق شبابنا وشاباتنا لن تثمر لأنها ستتحطم على صخرة الصمود الوطني الفلسطيني المصمم على مواصلة مسيرته الكفاحية الظافرة حتى تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في نيل الحرية والاستقلال ودحر المحتلين وقبر مشاريعهم التآمرية وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها. المجد والخلود لشهدائنا الابرار، والشفاء العاجل لجرحانا الابطال، والحرية لأسرانا البواسل في الباستيلات والنصر لشعبنا العظيم.


اللواء عبدالله: يستقبل وفدا من منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني

6\7\2023


استقبل أمين سر حركة "فتح" وفصائل م.ت.ف في منطقة صور اللواء توفيق عبدالله، وفدا من منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني في لبنان، تقدمه الدكتور وهيب سلامي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة، وذلك بحضور أعضاء قيادة الحركة وكوادرها في منطقة صور، اضافة لرئيس جميعة التواصل اللبناني الفلسطيني الأستاذ عبد فقيه، اليوم الخميس ٦-٧-٢٠٢٣ بمقر قيادة حركة فتح في مخيم الرشيدية.


بداية رحب اللواء عبدالله، وقيادة حركة فتح في منطقة صور، بالدكتور وهيب سلامي ووفد منظمة العمل اليساري المرافق له، مؤكدا على عمق العلاقات التاريخية بين منظمة العمل اليساري الديمقراطي وحركة فتح والعلاقة ما بين الشهيدين القائدين الشهيد الرمز ياسر عرفات، والشهيد الوطني الكبير محسن إبراهيم.


من جهته شكر عضو المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الدكتور وهيب سلامي، اللواء توفيق عبدالله وقيادة حركة "فتح" على حسن استقبالهم الأخوي والنضالي الصادق، مؤكدا أن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني تقف الى جانب الشعب الفلسطيني في معركته من أجل تحرير فلسطين وإقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى ديارهم. 



إلى ذلك وضع اللواء عبدالله، الدكتور سلامي والوفد المرافق له بمستجدات القضية الفلسطينية، وبصورة الأوضاع في مدينة جنين ومخيمها والانتصار الذي حققه شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة على جيش الإحتلال الصهيوني حيث مرغ بضعة فدائيين أنف نتنياهو وقادة اركانه بتراب شوارع جنين وازقة مخيمها. 


ومن ثم تطرق الطرفين لمختلف القضايا والمستجدات على الساحتين اللبنانية والفلسطينية خاصة الأوضاع في فلسطين وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم قتل وتدمير للمنازل واقتلاع للاشجار المثمرة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وتدنيس قطعان المستوطنين للمقدسات الإسلامية والمسيحية، مؤكدين على أهمية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لأنها السلاح الأقوى في مواجهة جيش الإحتلال وحكومة نتنياهو / بن غفير المتطرفة.


وعبر الطرفين عن اعتزازهم وفخرهم "بالتاريخ النضالي المشترك  بين الثورة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية الوطنية والاسلامية ، وتوجهوا بتحية إجلال وإكبار لشهداء فلسطين وشهداء جنين ومخيمها اللذين دافعوا وحيدين عن كرامة وشرف الأمتين العربية والإسلامية.



الخميس، 6 يوليو 2023

التنسيق الأمني...

  بقلم: عضو المجلس الثوري لحركة فتح رفعت شناعة


هذا الموضوع هو جزء من اتفاق المبادئ في أوسلو العام 1993، وقد جاء في المادة (8) تحت عنوان النظام العام والأمن ما يلي:

 

" من أجل ضمان النظام العام والأمن الداخلي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة سينشئ المجلس قوة شرطية قوية، بينما ستستمر إسرائيل في الاضطلاع بمسؤولية الدفاع ضد التهديدات الخارجية وكذلك بمسؤولية الأمن الإجمالي للاسرائيليين بغرض حماية أمنهم الداخلي والنظام العام".

 

والمقصود بالمجلس هنا المجلس التشريعي الذي سيتم انتخابه حسب ما ورد في اتفاق أوسلو.

 

كما أن المادة (10) والتي جاءت تحت عنوان (لجنة الارتباط الاسرائيلية –الفلسطينية المشتركة)، وجاء فيها :" من أجل تأمين تطبيق هادئ لإعلان المبادئ هذا ولأية اتفاقيات لاحقة تتعلق بالفترة الانتقالية، ستشكل فور دخول إعلان المبادئ هذا حيَّز التنفيذ، لجنة إرتباط مشتركة إسرائيلية – فلسطينية من أجل معالجة القضايا التي تتطلب التنسيق وقضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك، والمنازعات".

 

هذا ما ورد في (إتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني – الاسرائيلي) في 13/9/1993 ومنه سننطلق في معالجة موضوع ما يُسمى بالتنسيق الأمني الذي يُثار دائماً بهدف التشكيك الوطني، وإلصاق تهمة الخيانة بالسلطة الوطنية التي تقوم بالتنفيذ العملي حرصاً على سير عمل المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، والجميع يعرف ذلك، وكل الذين يشاركون في إطار السلطة، وفي الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية، ومختلف النقابات يفهمون جيداً أنهم يمارسون هذا الحق لأنهم يتعاطون مع اتفاق أوسلو سواء أكانوا مؤيدين أم معارضين، فالجميع يتواجد في المناطق المحتلة، ويلتزم بالاتفاقات والانظمة المعمول بها، وأيضاً بالهدنة القائمة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وحتى حركة الجهاد الاسلامي التي لا تشارك علناً بالانتخابات وبتشكيل الحكومات فإنها لا تخرج على النظام المعمول به. واذا أردنا أن نناقش موضوع (التنسيق الأمني) علماً أنه لا يوجد تنسيق أمني منفصل وانما هناك لجان إرتباط معنية بالتنسيق في مختلف مناحي الحياة تحت الاحتلال، علينا أن ننطلق من أن هناك اتفاقاً قائماً هو اتفاق أوسلو ولم يتم إلغاؤه حتى الآن، شارون وبعده نتنياهو حاولا تدمير اتفاق أوسلو لأنه بنظرهما خطأ تاريخي، وأن إسحق رابين الذي وقّع على الاتفاق إرتكب جريمة لأنه تنازل عن ما يسمونه (أرض الميعاد) للفلسطينيين، وهو يستحق الاعدام الذي نُفِّذ به فعلاً. لا الرمز ياسر عرفات أقدم على إلغاء اتفاق أوسلو، ولا الرئيس ابو مازن بعده قام بذلك لأنه حتى الآن لا يوجد البديل الجاهز، والكيان الاسرائيلي يتمنى أن يقوم الجانب الفلسطيني بذلك حتى تنتهي كافة الانجازات التي تمت، وحتى تفقد القيادة الفلسطينية هذه الصيغة المؤقتة بانتظار بناء الدولة الفلسطينية ذات السيادة والاستقلال.

 

ونظراً لشراسة الهجمة على مصطلح (التنسيق الأمني)، ونظراً لأن هذا التحريض يستهدف في واقع الأمر تشويه حقيقة الامر، كما يستهدف النيل من شخصية الرئيس ورمزيته الوطنية، والاساءة إلى المشروع الوطني، فإننا نورد الحقائق التالية لمزيد من التوضيح:

 

أولاً: إن مصطلح (التنسيق الأمني) لا يعني أن تقوم السلطة بتسليم الذين تعتقلهم إلى الجانب الاسرائيلي، فهذا لا أساس له إطلاقاً، فالسلطة معنية بالحفاظ على الأمن في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، وأي فرد أو مجموعة يسعى أو تسعى لإحداث متاعب واشكاليات أمنية سواء كانت هذه الجهة من حركة فتح أو من أي فصيل كان يتم اعتقالها، والتحقيق معها، وتحويلها إلى القضاء الفلسطيني، وهو قضاء حر لا يخضع لأي سيطرة خارجية، والقضاء هو الذي يثبت الاتهام أو يمنح البراءة.

 

ثانياً: من الطبيعي وكما يحصل في أي دولة في العالم إذا ما قامت أية مجموعة بنقل أسلحة، أو تشكيل مجموعة مسلّحة، أو ممارسة نشاطات عسكرية وأمنية، فإن الدولة تقوم مباشرة بتوقيف الاشخاص المعنيين، والتحقيق معهم لمعرفة كل ما يتعلق بنشاطهم لأن هناك سلطة رسمية موجودة.

 

ثالثاً: البعض يتهم السلطة بالخيانة لمجرد أنها تقوم باعتقال هذه المجموعات، أو هذه الخلايا النائمة، أو المؤهلة للتحرك لأغراض معينة، وهذا الاتهام مردود على أصحابه لأنه لا يجوز لأي تنظيم أو لأي جهة اقليمية أو عربية أو دولية أن تؤسس خلايا لأهداف خاصة بها تم تدفعها في الساحة الفلسطينية لإثارة البلبلة، وارباك السلطة وقيادتها، وكما أن أي دولة لا تسمح لأي مجموعة عسكرية أن تنشط داخل جغرافيتها دون علمها، فكذلك هو حق السلطة الوطنية. والذي يزيد تأكيده أنه لم يسبق للسلطة وللأجهزة الامنية أن قامت بتسليم أي فلسطيني يحمل جواز السلطة إلى الاحتلال الاسرائيلي إطلاقاً، وانما القضاء هو الذي يحكم هذه الامور حسب الانظمة الموجودة.

 

رابعاً: أما القول بأن هذه المجموعات هي مقاومة ولا يجوز إعتقال أعضائها فإن هذا الامر مغلوط. والسبب هو أنّ المقاومة وشكلها وأدواتها وأساليبها واستراتيجيتها تقررها قيادة العمل الوطني الفلسطيني مجتمعة في إطار وحدة وطنية شاملة، وهذا ما نصت عليه وثيقة الأسرى والتزمت به قيادة الفصائل في اتفاق المصالحة. ولا يجوز لأي مجموعة أن تقرر منفردة القيام بعمل عسكري معيَّن، وهذا ما تمّ رفضه سواء أكان في الضفة أم في قطاع غزة منعاً لأي تدخل خارجي، ولأي خرق قد يحصل من أي طرف بما في ذلك الاحتلال الاسرائيلي، وعلى كل الاطراف الحريصة على تفعيل المقاومة وتصعيدها إذا كانت صادقة في طروحاتها أن تباشر فوراً إلى تعزيز المصالحة الفلسطينية والوحدة الوطنية، وتوفير المُناخات المناسبة لتتجاوز حالة الانقسام ومتاعبها، أما أن نتحدث عن المقاومة وفي الوقت نفسه تذكِّي نار الفتنة، وتتعمد الإساءة إلى القيادة الفلسطينية وخاصة الرئيس أبو مازن، وتحرِّض الشارع بمقولات مسمومة، وتعبئة تهدف فقط إلى ضعضعة الجبهة الداخلية الفلسطينية، فهذا أمر مرفوض.

 

خامساً: إنّ موضوع (التنسيق الأمني) يتناول مختلف نواحي الحياة في المجتمع الفلسطيني، وهذا التنسيق ضرورة للسلطة الفلسطينية لأن الشعب الفلسطيني ودولته تحت الاحتلال، وادارة الحياة اليومية لا يمكن أن تتم بدون هذا التنسيق فهناك التصدير، والاستيراد، والصناعات، والمواد الخام، والصحة والعلاج، وموضوع الزراعة والمياه، والتعليم، والدخول إلى أراضي السلطة والخروج منها، والسفر إلى البلدان العربية والدول الأخرى، إضافة إلى الوثائق المطلوبة وأجوزة السفر، وانعقاد المؤتمرات، وزيارة الوفود، وشؤون العملة والمصارف، والجمارك، والعمل على المعابر. كل هذه القضايا تحتاج إلى تنسيق تقوم به لجنة الارتباط المشترك، والجانب الفلسطيني بأمس الحاجة إلى ذلك حتى لا نضع الفلسطينيين تحت كابوسين كابوس الاحتلال، وكابوس محاصرة الانسان في كل مجالات الحياة، وهذه طامة كبرى.

 

سادساً: إن لجان (التنسيق الأمني) هي من قيادات وكوادر أمنية فلسطينية متخصصة وهي تعرف مهمتها جيداً، وهذه القيادات وكافة الهيكليات هي من النوعية المشهود لها وطنياً، والمعروفة بانتمائها النقي لفلسطين، وهي التي شاركت سابقاً في العديد من المعارك، وهي التي تعرَّضت أيضاً لعمليات القصف والقنص الاسرائيلي وسقط منهم الآلاف من الشهداء والجرحى، وحسُّهم الوطني لا غبار عليه، وملتزمون بقرارات القيادة الحريصة كل الحرص على الشعب الفلسطيني، وهي التي لا تقبل أن تغامر بشعبها في مهاوي الردى، وفي المتاهات، وهذا الحرص يسيءُ البعضُ فهمه والتعبير المغلوط عنه بشكل متعمَّد.

 

سابعاً: إنّ (التنسيق الامني) موجود في الضفة كما هو موجود في قطاع غزة ولأن الاراضي  كلها محتلة فلا يمكن الدخول والخروج إلاّ بموافقة إسرائيلية، وهذا لا يستطيع أحد انكاره، فالسيد خالد مشعل بعد الهدنة التي أعقبت العدوان الاخير لم يستطع الدخول إلاّ بعد موافقة الاحتلال الاسرائيلي، بينما الاحتلال منع عبدالله شلّح الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي من دخول غزة، وهكذا الأمر مع مختلف الشخصيات.  وفي الضفة الغربية وبفعل التنسيق الأمني فإنّ مئات الوفود من الدول العربية والاسلامية ودول العالم يدخلون إلى القدس ويدعمون صمود أهلها، ويعقدون مؤتمرات علمية وصحية، وثقافية ومسانِدة لنضال الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الوفود السياسية والدبلوماسية والسفارات.

 

ثامناً: واذا كان البعض مستعجلاً على إلغاء (التنسيق الأمني) والذي هو التنسيق في مختلف المجالات، فعلية أن يأخذ بالحسبان أنّ ذلك يتطلب إسقاط السلطة وإلغاءها، وهذا الأمر يحتاج إلى العديد من التساؤلات، والافتراضات، والحسابات الدقيقة، وأن ندرس البدائل، أي ما هو الشكل الذي سنتعامل به مع الاحتلال الجاثم على أرضنا، واذا كانت البدائل غير جاهزة فلا يجوز أنّ نخطو خطوة في الفراغ ندفع ثمنها لاحقاً. وبالتالي ما هو مصير المؤسسات الوطنية القائمة. وأيضاً كيف ستُدار أمور الشعب الفلسطيني وما هو الشكل المطروح؟.

 

تاسعاً: الشعب الفلسطيني كله يعشق المقاومة، والقيادة أعطت الضوء الاخضر للمقاومة الشعبية تيمناً بالانتفاضة الأولى التي كانت لها مآثر مهمة عزلت الكيان الاسرائيلي بصفته الارهابية والدموية، وبالتالي أية مقاومة لها استراتيجية وقوى أساسية تحمل أفكاراً موحّدة، وهذه المقاومة الشعبية مع مرور الصراع تأخذ وضعها الطبيعي والمطلوب لاختيار الشكل المناسب، ومن حق الشعب أن يُحدد خياراته في المقاومة لأنّ كلّ الخيارات مفتوحة، ومن حق أي دولة أن تختار الزمان والمكان المناسبين لبدء المعركة، أو للرد على العدو، أو لمواجهة الاحتلال، وأين ومتى، وعلى الجميع أن يفهم شيئاً جوهرياً وهو أن الاساس هو المعركة السياسية لأنها هي التي تحصد ثمار القتال العسكري.

 

باختصار إنّ سيف التنسيق الامني الذي يريد البعض تسليطه على رقبة القيادة لحسابات لا تخدم المجتمع الفلسطيني، وانما للتحريض والتشكيك، هذا السيف غير قاطع لأنه لا يرتكز إلى الحقيقة وانما إلى التضليل.

 

الحاج رفعت شناعة


صلاح خلف (أبو إياد)


(31/08/1933 - 14/01/1991)


  • ولد صلاح مصباح خلف "أبو إياد" في 31آب/أغسطس 1933 في مدينة يافا الساحلية حيث أقامت أسرته القادمة من غزة ، وكان والده موظفا في السجل العقاري في يافا.
  • عاش طفولته وصباه في يافا والتحق بالمدرسة المروانية وفيها درس المرحلتين الابتدائية والإعدادية .وتعرف خلال تلك المرحلة على طبيعة الصراع بين المواطنين الفلسطينيين والمنظمات الصهيونية التي كانت تنشط بين اليهود في يافا .
  • التحق بـ"أشبال النجادة " وهو فتى صغير .. و"النجادة" كانت تنظيما فلسطينيا يسعى لمقاومة الاستعمار البريطاني والأطماع اليهودية في فلسطين ، وكان التنظيم يدرب أعضاءه باستخدام بنادق خشبية نظرا لندرة السلاح.
  • عرف الاعتقال لأول مرة في حياته وهو في الثانية عشرة من العمر ، وذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 1945حين دهمت شرطة الانتداب البريطاني منزل أسرته واعتقلته بتهمة الاعتداء على تلميذ يهودي .
  • هاجر مع عائلته من يافا يوم 13/5/1948تحت نيران القصف الصهيوني إلى غزة عبر البحرالأبيض المتوسط بواسطة مركب صغير كاد يغرق به وبأسرته وبآخرين ممن هربوا من إرهاب المنظمات الصهيونية التي أعلنت بعد ذلك بيومين قيام دولة إسرائيل .
  • عاش ظروفا صعبة مع عائلته في غزة واضطر للعمل للمساعدة في مصاريف الأسرة، إلى جانب دراسته في المرحلة الثانوية حيث نشط أيضا في العمل الوطني الطلابي .
  • غادر غزة إلى القاهرة في العام 1952 ليلتحق بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر . ونشط خلال دراسته الجامعية في الحركة الطلابية وتعرف في العام 1954 إلى ياسر عرفات الذي كان رئيسا لرابطة الطلاب الفلسطينيين والتي انضم اليها صلاح خلف، ونشط في إطارها واصبح رئيسا لها بعد تخرج ياسر عرفات في العام 1955.
  • انسحب من حركة "الاخوان المسلمين" في العام 1955وأسس "جبهة الكفاح المسلح الثورية" للعمل ضد إسرائيل .
  • حصل على الإجازة العالية في اللغة العربية سنة 1956 وعاد إلى غزة للعمل كمدرس للغة العربية والفلسفة في مدرستي الزهراء للبنات وخالد بن الوليد للبنين.
  • واصل دراساته العليا وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس من جامعة عين شمس المصرية في العام 1958.
  • تزوج من ابنة عمته في 13/7/1959ورزقا بستة من الأبناء والبنات .
  • سافر إلى الكويت في العام 1959للعمل كمدرس. وفيها التقى مجددا بياسر عرفات وخليل الوزير ليشاركهما وآخرين في بناء حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي كانت قد أسست في الكويت قبل ذلك بوقت قليل.
  • واصل العمل في التدريس في الكويت ، وفي نفس الوقت نشط في إطار "فتح" التي كانت تستقطب الخلايا الثورية الفلسطينية المستقلة عن الاحزاب في ذلك الوقت والمنتشرة في عدة دول عربية،وتستكمل استعداداتها تمهيدا لإطلاق الكفاح المسلح .
  • تفرغ للنضال في إطار حركة فتح في العام 1967، وتولى مهمة إنشاء ورئاسة أول جهاز أمني للثورة الفلسطينية عرف حينها باسم "جهاز الرصد الثوري".
  • شارك مع قوات الثورة الفلسطينية في التصدي لقوات الجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة بالأردن في 21/3/1968.
  • بدأ اسمه يبرزعلنا في العام 1969 كعضو في اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض للأمن فيها .
  • شارك في معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية في العامين 1970و1971 في الأردن واعتقلته السلطات الاردنية خلالها ، وانتقل بعدها مع رفاقه في القيادة والثورة الفلسطينية إلى لبنان.
  • بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن شاع على نطاق واسع أن صلاح خلف يقف وراء "منظمةأيلول الأسود" التي نفذت عدة عمليات كان اشهرها عملية "ميونيخ" التي استهدفت أعضاء الفريق الإسرائيلي في الألعاب الأوليمبية في المانيا الغربية ،لكن "أبو إياد" نفى علاقته بها **.
  • عمل خلال سنوات وجوده في لبنان 1971ـ 1982 على بناء جهاز أمني قوي للثورة الفلسطينية ، وكرس جهده وعلاقاته وصلاته الخاصة لتعزيز عمليات جمع المعلومات الأمنية والإستخبارية ، واقام شبكة علاقات مهمة مع عدة جهات استخبارية في العالم في إطار النضال الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية.
  • شارك في قيادة عمليات الدفاع عن الثورة الفلسطينية خلال الحرب ألاهلية اللبنانية 1975ـ 1982ونجا من عدة محاولات اغتيال .
  • كان إلى جانب ياسر عرفات وخليل الوزير "أبو جهاد" وسعد صايل "ابو الوليد" في قيادة قوات الثورة أثناء الحصار الإسرائيلي لبيروت في العام 1982. وغادر بيروت في آب/ أغسطس 1982.
  • عاد الى لبنان لاحقا للتصدي للمنشقين الذين حاصروه بدعم سوري مع ياسرعرفات وخليل الوزير "أبو جهاد" في طرابلس في خريف 1983، و غادر طرابلس في 19/12/1983 عبر البحر.
  • استقرمع قيادة منظمة التحرير في تونس وواصل تحمل مسؤولياته عن الأجهزة الامنية للثورة الفلسطينية.
  • فشل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في محاولاته العديدة لاغتيال "ابو إياد" لسنوات طويلة ، ولكنه نجح في ذلك يوم 14/1/1991على يد المدعو حمزة أبو زيد أحد عملاء جماعة المنشق صبري البنا "أبو نضال"، وحملت منظمة التحرير "الموساد " الإسرائيلي مسؤولية اغتياله في قرطاج بتونس بواسطة جماعة "أبو نضال" . واغتيل معه هايل عبد الحميد "أبو الهول" عضو اللجنة المركزية لـ"فتح"، وفخري العمري مدير مكتب " أبو إياد" .. وجاء الاغتيال في وقت عصيب فقد كان الجميع منشغلا بما يحدث في الكويت حيث بدأت بعد ذلك بيومين حرب الخليج الأولى .

** اعترف أبو داوود (محمد داوود عودة) بأن أبو إياد كان قائد العملية الحقيقي وأنه هو الذي أوصل الأسلحة لمنفذي العملية في ألمانيا.

بهاء شاتيلا: السيرة البحرية لعملية "كمال عدوان"

 


عامان أو أكثر، وأنا أحاول إقناعه بضرورة تسجيل الحكاية، وكان جوابه الدائم هو الرفض، فهو يعتبر أن ما قام به لا أهمية له أمام تضحيات الشهداء، فهم الذين تستحق أن تُروى حكاياتهم.

تمكنت أخيراً من إقناع بهاء شاتيلا (اسمه الحركي) بأن نسجل التفصيلات التي لم يتم التطرق إليها عن عملية "كمال عدوان" في سنة 1978، لا لإظهار دوره، بل احتراماً للأجيال المقبلة التي يحقّ لها أن تعرف تاريخ شعبها بتفصيلاته.

بهاء شاتيلا، من مواليد مدينة بيت لحم في سنة1958، سكن في مخيم الدهيشة حتى سنة 1966. عاش في عمّان حتى سنة 1974، ثم التحق بحركة "فتح" في منطقة حمورية في سورية. تخرّج من الكلية العسكرية في باكستان في سنة 1977 ضابطاً برتبة ملازم، وبعدها درس في الاتحاد السوفياتي اختصاص سلاح راجمات الصواريخ، كما تخصص بسلاح المظلات والقوات الخاصة في الجزائر.

لم أقاطعه خلال هذا الحوار الذي دام نحو ساعة ونصف ساعة إلّا بقصد الاستفسار، ولذلك سأستبعد صيغة سؤال / جواب في النص، وأعتمد فقط الربط بين فقرات كلامه. 

الإعداد للعملية 

يقول بهاء شاتيلا: "قبل أن أكلَّف بعملية إنزال أفراد المجموعة الفدائية إلى الشاطئ الفلسطيني، كنت مشرفاً على تدريبهم العسكري والإداري، بعد أن سلّمني الأخ أبو جهاد،[1] أنا وضابط آخر،[2] هذه المهمة. كنا أنا والضابط الذي معي، قد تخرجنا منذ أقل من عام، في سنة 1977 من الكلية العسكرية في باكستان. لن أذكر اسم الضابط الآخر لأنه يعيش الآن في رام الله."

 

بهاء إلى يمين الصورة التي يتوسطها أبو جهاد (من أرشيف بهاء شاتيلا).

 

ويضيف أن العملية حملت اسم الشهيد كمال عدوان الذي اغتالته إسرائيل مع الشهيدين كمال ناصر وأبو يوسف النجار، في 10 نيسان / أبريل 1973 في منطقة فردان في بيروت، بينما حملت المجموعة الفدائية التي نفذت العملية، اسم "دير ياسين".

ويلفت إلى أن الهدف من العملية كان بحسب البيان السياسي الذي أصدرته حركة "فتح"، إحياءً لذكرى الشهداء الثلاثة، و"مواصلة الكفاح المسلح ضد الغطرسة والاحتلال الصهيوني."[3] ووفقاً لتصريح الفدائي / الأسير حسين محمود فياض، الذي شارك في العملية وكان في الثامنة عشرة من العمر، في مقابلة رتبتها السلطات الإسرائيلية في بيت صحافي إسرائيلي، قال "أنه ينتمي إلى حركة 'فتح' شأنه شأن رفاقه الـ 13 الذين اشتركوا في العملية، وأوضح أن خطأ وقع في العملية المقررة التي كانت تقضي بالسيطرة على أحد الفنادق في تل أبيب، واحتجاز رهائن والمطالبة بالإفراج عن خمسة فدائيين معتقلين."[4]

وخلال عمليات الإعداد، "لم نكن نستقر في مكان واحد أكثر من عشرين يوماً، خوفاً من أن يُكشف موقعنا، أو يتم تسريب معلومات خارج المجموعة التي كانت في الأصل، بحسب خطة العملية، مكونة من 21 فدائياً سيذهبون لتنفيذها." 

محاولتان فاشلتان 

"جرت محاولتان لتنفيذ العملية، لكنهما لم تكتملان، وعادت المجموعة الموكلة بالتنفيذ أدراجها، إلى أن نجحت في المرة الثالثة"، مثلما يقول بهاء، ويشرح أنه: "في المرة الأولى كان ضابط الإنزال هو النقيب أبو سمير، وهو من عديد كتيبة الشهيد عزمي الزّْغَيّر،[5] لكن التنفيذ لم يكتمل، فعادت المجموعة بعد يومين من الإبحار.

"بعدها تلقينا أمراً من الأخ أبو جهاد بأن نعود إلى التدريبات بعد استراحة قصيرة دامت 24 ساعة. وخلال الإعداد للعملية كان أبو جهاد حريصاً على زيارة المعسكر، خمس مرات في الأسبوع. وفي كل زيارة كان يبقى معنا من 3 إلى 4 ساعات، لأنه كان مقتنعاً بأن عملية 'التعبئة' الفكرية والسياسية تشكل جزءاً مهماً وأساسياً من الإعداد للعملية. وتقلص عدد المتدربين من 21 إلى 13 فدائياً[6] خلال ستة أشهر، وذلك بسبب صعوبات التدريب والاعداد.

"جرت المحاولة الثانية لتنفيذ العملية في أواسط شباط / فبراير 1978، وكنّا حينها في الدامور؛ بقيت السفينة في عرض البحر، وتحركت المجموعة بذخائرها وأمتعتها، لكن بعد 12 ساعة، تواصل مسؤول الإنزال مع الأخ أبو جهاد، وأعلمه بتعطل محرك السفينة." 

...وثالثة نجحت 

لم تُثنِ المحاولتان الفاشلتان المخططين والمكلّفين بالتنفيذ عن تكرار المحاولات حتى يتحقق الهدف. يقول بهاء شاتيلا:

"بعد 48 ساعة من عودة المجموعة [من المحاولة الثانية الفاشلة]، عدنا إلى التدريبات في الدامور، وعاد الأخ أبو جهاد إلى عمله التعبوي معنا.

"كانت الاحتياطات الأمنية مرتفعة، بحيث بقي الأمر سرياً، حتى بالنسبة إلى طواقم الحراسات التي لم تكن تعرف سوى أن هذه المجموعة تتبع للبحرية، وذلك بسبب وجود الزوارق فقط.

"أذكر أنه في 6 آذار / مارس، أرسل الأخ أبو جهاد اثنين من مرافقيه في طلبي، هما سعيد وماهر صغير. وفي أثناء مقابلتي معه، سألني ما إذا كنت أعرف سبب هذه المقابلة، فأجبته نافياً، فكلفني بمهمة إيصال المجموعة إلى هدفها.

"كان عمري حينها 19 عاماً و9 أشهر؛ طلبتُ من الأخ أبو جهاد قيادة العملية، فضلاً عن إيصال المجموعة، فرفض، وأعلمني بمهمتي بدقة، وهي إيصال المجموعة المنفذة إلى نقطة الإنزال وتأمين إنزال أفرادها وإعادة السفينة، وأوضح لي أن عدم عودة السفينة، يعني عدم نجاحنا. وبعد النقاش، طلب مني صورتين ليؤمّن لي جواز سفر بحرياً، وكانت المرة الأولى التي أعرف فيها، أن للبحارة جوازات سفر خاصة بهم.

"عدت إلى معسكر التدريب، ولم أخبر أحداً بالأمر وذلك بناء على تعليمات الأخ أبو جهاد. وفي ليلة 9 آذار/ مارس، أتت أوامر التحرك من الدامور نحو منطقة الواسطة على بعد بضعة كيلومترات شمالي مدينة صور، حيث كنا نملك معسكراً. انتظرنا في هذا المعسكر حتى الثالثة صباحاً، عندما وصل الأخ أبو جهاد ومعه الحاج إسماعيل[7] والأخ عزمي الزّْغَيّر والأخ مجيد الآغا[8] والأخ وجيه أبو غربية.[9]

 

بهاء في أحد معسكرات التدريب (من أرشيف بهاء شاتيلا).

 

"سألني الأخ أبو جهاد عن جهوزيتنا، فأجبته بأننا على أتم الجهوزية، فأعلمني بأن التحرك سيتم خلال نصف ساعة، وكان كل ما يتعلق بالعملية مجهزاً في سيارات "سوزوكي" صغيرة مغلقة كنا نستعملها في 'القطاع الغربي' لأغراض متعددة. وبين الساعة الثالثة والنصف والرابعة صباحاً، كنا في 'بور' [ميناء] صور. دخلنا إلى السفينة أنا والمجموعة أولاً، بعد أن عرّفنا الكابتن إلى "العنبر" الخاص بالمجموعة، والذي كان مموهاً ومخفياً، حرصاً على عدم إثارة انتباه الدوريات الإسرائيلية التي كان من الممكن أن تعثر علينا في عرض البحر، قبالة سواحل فلسطين المحتلة.

"وبعد انتظار دام نحو عشرين دقيقة، عاد الأخ أبو جهاد وحيداً، وعرّفني إلى قبطان السفينة وكان اسمه جورج من الجنسية اليونانية، وكان الحديث فيما بيننا يتم باللغة الإنجليزية.

"على ظهر السفينة، أطلعني الأخ أبو جهاد لأول مرة على خط سير العملية، وكان كالتالي: الانطلاق من صور نحو صيدا فرأس بيروت ثم طرابلس، ومنها في اتجاه قبرص، كي نُبحر في الخط الدولي من أجل تقديم أطنان من الحبوب إلى السودان الذي كان يعاني المجاعة، وذلك بحسب بيانات السفينة."

يستطرد شاتيلا قائلاً: "عرفت أشياء عن البحار لم أكن أعرفها من قبل، منها أن في البحار زواريب، وطرقاً للتهريب، وكانت هذه الزواريب من الطرق التي سنستخدمها في سيرنا."

ويتابع سرد تفصيلات لا يزال يتذكرها بدقة، فيقول:

"بعد أن تلقيت المعلومات والتعليمات الأخيرة من الأخ أبو جهاد، أعلمني بأن القبطان جورج على علم بالتفصيلات كلها الخاصة بالعملية. وكانت الشيفرة بيني وبين الأخ أبو جهاد هي أسماء أخواتي وإخوتي، مثلاً: "فؤاد" معناها أن دورية إسرائيلية تعرضت لنا أو هي متجهة نحونا، و"أحمد" تعني صعدوا إلى ظهر السفينة لتفتيشها، و"جميلة" تعني أن الأمور تمام. كانت الشيفرة التي حددناها تراعي الاحتمالات كلها التي من الممكن أن تحدث.

"عند الساعة 5:00 صباحاً، تحركنا، وكان الاتفاق أن نبقى قرب السواحل اللبنانية، بحدود 4 - 5 كم. ومع وصولنا قبالة رأس بيروت، اقترح القبطان أن نتجه نحو الخط الدولي، بدلاً من الإكمال إلى طرابلس، بحيث نوفر 12 ساعة. رفضت في البداية لأن في ذلك مخالفة لتعليمات الأخ أبو جهاد، لكني بعد ذلك، وافقت، وبالتالي اقتطعنا 12 ساعة من حسابات الأخ أبو جهاد، ولا سيما أن كل شيء كان محسوباً بدقة متناهية لديه، لكننا لم نبلّغه هذا التعديل. تابعنا سيرنا في اتجاه قبرص، وقبل الوصول، سلكنا الطريق الدولية نحو بور فؤاد للوصول إلى السودان. وفي ليلة 11 آذار / مارس أعلمني القبطان أن فلسطين تقع في الزاوية 90 من موقعنا، وأن علينا أن نتخذ هذا الاتجاه كي نصير في موازاة تل أبيب، وهي الموقع المقرر لتنفيذ العملية، وأخبرني أن المشكلة ستبدأ الآن، فكل باخرة تسير في هذه الوجهة يعني أنها ذاهبة إلى فلسطين المحتلة، وأن الرادارات الإسرائيلية ستكشفنا، وسترسل دوريات لتفتيشنا.

"ومن المعروف أن حرس الحدود الإسرائيلي يملك معلومات عن كل سفينة تدخل إلى هذه المنطقة وعن حمولتها، ونحن سفينة غير معرّفة لديهم، وهي بالتالي سفينة دخيلة. سألته: ما الحل، فأجاب: تعطيل البوصلة. وافقت، مضيفاً: نعطلها ونعيد إصلاحها، فأجابني: لا، يجب أن نعطلها بشكل كامل ونهائي، وهكذا عندما تصعد الدورية الإسرائيلية إلى السفينة يكون وقوفنا مبرراً في تلك المنطقة. وهنا سألته: لكن كيف سنمشي في البحر بعد ذلك؟ فأجاب: نتوكل على الله.

"كان من المفروض أن ينزل أفراد المجموعة على مسافة 45 - 50 ميلاً عن ساحل تل أبيب، وهؤلاء الأفراد البالغ عددهم 13 فدائياً، سيحتاجون إلى ساعة أو ساعة ونصف ساعة قبل الوصول إلى اليابسة، وذلك عبر ركوب زورقين من نوع "زودياك" كانا مجهزين، كل واحد منهما، بمحرك قوته 75 حصاناً، وكان الأخ أبو جهاد قد طلب إضافة محرك ثانٍ بالقدرة نفسها، إلى كل زورق.

"تحركنا في اتجاه منطقة الإنزال، وحين وصلنا إليها، شاهدت على رادار الباخرة زوارق متجهة نحونا، وكانت من طراز "الدبور" الذي يتميز بسرعة شديدة، ومحمّلة برشاشات عيار 800 ملم. أشعل القبطان ضوء الاستغاثة باللون الأحمر، وهو من الأمور المتعارف عليها في البحار حين تحدث مشكلة ما للسفن. وصل الزورقان: الأول بقي بعيداً عنا بمسافة قريبة، والآخر اقترب بمحاذاتنا، وصعد منه إلى ظهر السفينة، ضابط برتبة عالية ومعه عدد من الجنود. سأل القبطان عن سبب مرور السفينة في المنطقة، وعن الحمولة التي لديه، فأخبره جورج عن العطل الذي أصاب البوصلة، فذهب الضابط ومَن معه مع القبطان ومهندس السفينة التونسي للتأكد من المشكلة. وبعد أن تأكدت الدورية الإسرائيلية من العطل، منح ضابطها القبطان مدة ساعتين لإصلاح العطل، أو التحرك في اتجاه آخر. وكانت هذه المدة كافية لإنجاز الإنزال والابتعاد عن الموقع.

"غادر الإسرائيليون السفينة، وبقيت أراقب الرادار حتى اختفوا تماماً، عندها خرج أفراد المجموعة من العنابر، وبدأنا التجهيز: أخرجنا الزورقين والأسلحة وسائر المعدات الخاصة بالعملية؛ نفخنا الزورقين، وأنزلناهما إلى البحر، فاكتشفت الشهيدة دلال المغربي أن أحد الزورقين فيه تسرب للهواء؛ الزوارق كانت مكونة من خمس طبقات، والعطب كان في طبقتين فقط، الأمر الذي يعني أنه يمكن استخدامه مع تخفيف الحمولة التي عليه. وكان المخطط أن يصعد في الزورق الأول 7 فدائيين، وفي الثاني 6 فدائيين، لكن بسبب العطب، نقلت أحد الفدائيين من الزورق الثاني إلى الزورق الأول، فصاروا 8 في الزورق الأول، و5 في الثاني. انقلب الزورق الثاني في البحر، وغرق الشهيدان عبد السلام وأبو أحمد اليمني، وكان محمد الشرعان (وائل) مكلفاً قيادة المجموعة في هذا الزورق، مع الاستمرار في نفخ القارب خلال مكوثهم فيه."

يصف بهاء الطقس في ذلك اليوم من آذار / مارس بأنه كان "عاصفاً والأمواج عالية"، لكن ذلك لم يُشكل عائقاً، "فلولا التدريب الذي خضع له أفراد المجموعة، لما كان في إمكانهم الوصول إلى الشاطىء."

لم ينسَ شاتيلا يوماً ما جرى مع الفدائيَّين الشهيدين، فـ "بعد أعوام من العملية، التقيتُ خالد أبو أصبع، وهو من منفذي العملية وقد أُسر مع حسين فياض، وأُفرج عنهما في سنة 1985، وسألته عن سبب غرق الشهيدين، فأخبرني أن الأمواج المرتفعة قلبت مركبهم."

يتابع بهاء شاتيلا سرد "السيرة البحرية لعملية 'كمال عدوان' " التي قادتها الشهيدة دلال المغربي، فيقول:

"بعد أن أنجزتُ عملية التجهيز، ودّعتُ الفدائيين الموجودين على متن الزوارق، وصعدتُ إلى ظهر السفينة مجدداً، وكان الاتفاق أن يبقوا يدورون في المكان لمدة ساعة، حتى نبتعد عن المنطقة. وقبل إبحار السفينة، انتبهت إلى وجود سلاح بالقرب من البوصلة على الزورق الأول الذي كانت دلال عليه، فطلبت منها تغيير مكانه لأنه سيحرف الاتجاه، فقالت: نعم حين نتحرك سأغيره، وعلى الأغلب لم تبعد السلاح عن البوصلة، ولذلك تغير مسار الزورقين؛ فالعملية كانت مقررة في تل أبيب، لكن المجموعة وصلت إلى معجان ميخائيل التي تبعد عن تل أبيب مسافة كبيرة.

"عند عملية الإنزال أبلغت الأخ أبو جهاد بالشيفرة المتفق عليها، وهي "جهينة"، وتعني أن الإنزال تم، فأتت إجابة الأخ أبو جهاد: 'يا أخ في غلط'، أجبته بأن كل شيء على ما يرام، عاد وأجابني: 'يا أخ في غلط'. وكان الخطأ معروفاً بالنسبة إليّ، وهو الـ 12 ساعة التي اختصرناها أنا والقبطان، حين انطلقنا في اتجاه الخط الدولي من رأس بيروت. المهم أجبت الأخ أبو جهاد مجدداً بـ "اطمئن"، ومع ذلك قال: 'يا أخ في غلط. راجع'، أجبته: 'الكابتن جورج بقلك كمان اطمئن، والآن جهينة بدأت العمل'، فقال: 'على بركة الله'.

"لم تكن أي من تعليمات أبو جهاد عبثاً، فهو معروف بدقة خططه: من الخطوط العامة الكبرى، إلى التفصيلات الصغيرة. وعن ذلك، يشرح شاتيلا:

"تعليمات الأخ أبو جهاد كانت، أنه بعد اتمام عملية الإنزال وعند تحرك السفينة، يجب فكّ أجهزة اللاسلكي ورميها في البحر، كي لا يبقى أي أثر يدل على عملنا العسكري، إلّا إنني لم أفعل ذلك، بسبب سعرها المرتفع. وكان أحد هذه الأجهزة هو 'راكال' والآخر 'بيغ غير'، فأخفيتهما في مكان آمن، وكان هذا الأمر مخالفة للتعليمات. لم أدرك ذلك في حينه، لكنني بعد سنين، أدركت أني أخطأت عندما خالفت التعليمات."

ويتابع بهاء شاتيلا شارحاً تفصيلات الساعات التي تلت عملية الإنزال ومغادرة السفينة منطقة الإنزال، فيقول:

"مرّ يومان، وكان الاتصال مقطوعاً مع الأخ أبو جهاد، إذ إنه على الرغم من وجود أجهزة الاتصال العسكرية على السفينة، فإنني لم أكن أملك الخبرة الكافية لتشغيلها من جديد، فلجأنا إلى راديو السفينة بحثاً عن أخبار لنعرف كيف جرت العملية. وخلال البحث، وصلنا صوت من إذاعة تتحدث بالعربية، وبعد قليل أتت الجملة التالية: 'صوت فلسطين.. صوت فتح'، وعرفت من صيغة الخطاب أنها إذاعة 'فتح المجلس الثوري' التي تبثّ من بغداد. أعلنت الإذاعة أن 'مجموعة من المقاتلين نزلت على الشواطىء الفلسطينية، وأخذت حافلة ركاب رهينة'... أراحني هذا الأمر، فالإخوة وصلوا إلى شواطىء فلسطين المحتلة، والعملية يتم تنفيذها."

 

بهاء الثاني من اليسار (من أرشيف بهاء شاتيلا).

 

33 يوماً من التيه في البحر 

لم تنتهِ رحلة السفينة عند إنهاء عملية الإنزال، إذ كان عليها التوجه بعيداً عن المكان، وهي "عمياء" من دون البوصلة. يسرد بهاء شاتيلا تلك التفصيلات، فيقول:

"بعد أن اطمأننت إلى أن العملية نُفّذت، مع أنني لم أعرف التفصيلات بدقة، عاد التفكير بنا إلى سفينتنا، وإلى أين نذهب، فقد كنا كالعميان من دون البوصلة التي عطلناها، إذ لم نكن نعرف إلى أين نتجه، حتى إن القبطان كان عاجزاً عن تحديد وجهتنا. بقينا في البحر 33 يوماً سمحت لي بأن أتعرف إلى أسرار هذا المدى الأزرق الشاسع. صحيح أن الطعام والشراب كانا متوفرين بشكل يكفينا عدة أشهر، إلّا إن مبتغانا كان الوصول إلى البر بأسرع ما يمكن. لقد كنا تائهين ومحاصرين بالماء.

"علمت لاحقاً، في بيروت، أن الأخ أبو جهاد كان منشغلاً بالبحث عن السفينة، فالعملية نُفذت، واستشهد 11 من منفذيها، وأُسر اثنان، لكن أحداً لم يأتِ على ذكر السفينة، لا إسرائيل ولا غيرها. وبعد مضي أيام من عدم وجود أي معلومات، أُرسل عدد من 'ضباط القطاع الغربي' إلى الموانىء حول البحر الأبيض المتوسط، والتي من الممكن أن نصل إليها، للبحث عنا. لكنهم لم يجدوا شيئاً، فنحن ما زلنا في عرض البحر، ولا نعرف إلى أين نتجه." 

جورج ينطق بالعربية! 

لم تتوقف المفاجآت التي عاشها بهاء شاتيلا، منذ مرحلة التخطيط، حتى رحلة تيه السفينة في البحر من غير هدى. فجورج اليوناني نطق بالعربية. يقول بهاء:

"في الليلة 29 أو 30، لست متأكداً، وكانت الساعة الواحدة ليلاً، إذ بالقبطان يخرج من قمرته منادياً إياي: "يا بهاء.. يا بهاء" بالعربية، فأجبته: 'Yes'، فقال: 'بلا يس بلا بطيخ، تعال'، فذهبت إليه وأنا لا أفهم ما الذي يجري، فالقبطان يوناني ولا يتكلم اللغة العربية، وكنا نتواصل بالإنجليزية. سألته مباشرة: 'هل أنت عربي؟' فأجاب جورج: 'أنا فلسطيني، وعضو في حركة 'فتح' واسمي سامي'. تعانقنا وأفهمني أن التعليمات كانت صارمة في هذا الصدد من الأخ أبو جهاد. كان القبطان سامي يناديني ليريني عبر منظار السفينة ضوءاً بعيداً يكاد حجمه لا يوازي رأس عود الكبريت، فاتفقنا على التحرك في اتجاه الضوء.

"ارتحت لرؤية الضوء، وذهبت كي أنام عدة ساعات، وأنا أفكر في أن مسافة ساعات تفصلنا عن البر، وأننا بعد استيقاظي سنكون قد وصلنا. استيقظت، لكننا كنا ما زلنا في البحر، فاستغربت الأمر، وهنا أخبرني سامي: 'منحتاج يومين أو ثلاثة لنوصل للبر، والليلة ببيّن الضوء أكثر'. وفعلاً مع دخول الليل، نظرنا عبر المنظار، وكان الضوء قد ظهر أكثر، فأحسسنا بالطمأنينة، غير أننا حتى تلك اللحظة لم نعرف من أي بلد يأتي هذا الضوء. ومع شروق شمس اليوم الثالث والثلاثين، عرف سامي أين نحن، بسبب وجود قمامة وحيوانات نافقة في البحر، وكان هذا الأمر، بحسب سامي، لا يحدث إلّا في ليبيا.

"مع اقترابنا أكثر، شاهدنا الفنار (المنارة).. وفي كل سفينة بحرية يوجد عادة كتيّب يفسر ضوء الفنار الذي يشير إلى البلد الذي هو فيه، وبعد حساب الضوء الآتي مثلما هو وارد في الكتيب، أكد لي سامي أننا في مقابل ساحل مدينة توكرة الليبية، وهي مدينة صغيرة قريبة من بنغازي. فسألته: 'شو بدنا نعمل؟' فقال: 'نتوجه إلى بنغازي'، غير أننا لن نستطيع الدخول إلى الميناء لعدم وجود وكيل لنا. بقينا بعيدين عن الميناء بحدود 4 – 5 كم، ثم شاهدنا زوارق سريعة تتجه نحونا، وأول ما جاء في تفكيري، أن تكون هذه الزوارق إسرائيلية؛ شاهد سامي الزوارق أيضاً.

"في تلك الأثناء تواصلنا مع برج الميناء، وطلب سامي منهم تحويل الاتصال إلى مكتب حركة 'فتح' في بنغازي، وكان المسؤول هناك الأخ أبو العبد. قام العاملون في برج الميناء بتحويل الاتصال، فكلَّمَنا شخص كان موجوداً في المكتب، وأخبرنا أن أبو العبد موجود في منزله، فطلبنا رقمه، وطلبنا مجدداً من برج المراقبة الاتصال به، وهذا ما حدث. كان رد الأخ أبو العبد أن القيادة لم تبلّغه أن أحداً سيصل إلى الميناء، وظل رافضاً استلام الباخرة بمَن وما فيها من دون تعليمات، فطلبنا منه الاتصال بالأخ أبو جهاد، وإخباره: 'بهاء وسامي عندي، وبدهم يدخلوا'. أجرى أبو العبد الاتصال من هاتف آخر لديه، وكنا نستمع إلى ما كان يقوله، ويبدو أن أبو جهاد طلب منه إدخالنا، فتحرك أبو العبد لتنفيذ أوامر أبو جهاد بعد أن تواصل مع الاستخبارات الليبية، وخلال ساعة، وصل إلينا زورق ليبي كان فيه الأخ أبو العبد وثلاث ضباط ليبيون عانقونا ورحبوا بنا. سلّمْنا أبو العبد الأسلحة التي ظلت في حيازتنا، وكانت عبارة عن مسدس ورشاش صغير، كما سلّمه القبطان سامي السفينة، وأخذَنا الضباط الليبيون إلى فندق اسمه عمر الخيّام، بينما أُخذ سائر طاقم السفينة إلى فندق آخر، ومن هناك جرى في الأيام التالية تدبير سفرهم إلى دولهم، وأعطيتُ كل واحد منهم مبلغاً من المال كي يتدبر أموره.

"في الفندق طلبنا من الأخ أبو العبد أن يخبرنا بكل ما جرى في العملية، وما بعدها، وكانت إجابته: 'خربت الدنيا'، وأسهب في الشرح، عن اجتياح سنة 1978، واحتلال أجزاء من الجنوب اللبناني، وعمليات المقاومة، وطلبنا منه أن يدبر أمر سفرنا سامي وأنا، فكانت إجابته: 'بهاء وسامي ممنوع تسافروا، بتعليمات من الأخ أبو جهاد، ولازم تبقوا بليبيا 6 أشهر'. لم نعرف سبب هذه التعليمات، وطلبت منه تأمين اتصال مع الأخ أبو جهاد، وأخبرته أننا لن نستطيع البقاء في ليبيا هذه المدة كلها، فضحك وأوضح: 'وقوع أسيرين عند الاحتلال، جعلك أنت وسامي بخطر، لهيك لازم تبقوا حفاظاً عليكما'.

"طلبت من الأخ أبو العبد أن يؤمن لنا أعداد الصحف كلها التي صدرت منذ يوم العملية، كي نفهم تفصيلات ما جرى منذ تنفيذ العملية.

"وزارنا في فندق عمر الخيام وزير الدفاع الليبي أبو بكر يونس[10] كي يسمع منا تفصيلات العملية، وعرض علينا الجنسية الليبية آنذاك، فأجبناه أننا بحاجة إلى إذن القيادة قبل الموافقة على عرضه، وكانت هذه الطريقة وسيلتنا إلى الاعتذار، فنحن كفلسطينيين لا نحتاج إلى أي جنسية أُخرى." 

إضاءات على تفصيلات[11] 

أورد فيما يلي إضاءات على ومضات رأيت أنها بارزة، فأخرجتها من النص، وأبقيتها مثلما رواها بهاء شاتيلا، على النحو التالي:

  • "قبل الإنزال بساعات، أخرجتُ الإخوة من العنبر، وجلست معهم، فكتب كل واحد منهم وصيته، وسجلها على كاسيت، وعندما انتهوا، جمعت الأوراق والكاسيتات في حقيبة. لم تكن وصاياهم توحي بأي شكل من الأشكال بأنهم ذاهبون إلى الموت، وإنما كانوا فرحين لأنهم يقومون بفعل فدائي من أجل أرضهم، وكانوا يتصرفون كأنهم في عرس، فغنوا لفلسطين ودبكوا.
  • "عرف الناس عن وصية الشهيدة دلال المغربي وحدها، لكن في الواقع فإن ثمانية من الفدائيين كتبوا أو سجلوا وصاياهم، وقد سلّمتها إلى الأخ أبو جهاد.
  • "كان من ضمن طاقم السفينة مهندس تونسي خمسيني، أدرك ونحن على السفينة، وتحديداً حين شاهد المجموعة، أن ما يجري هو تحضير لعملية فدائية، فجاءني ليطلب مني الموافقة على المشاركة معهم، فرفضت طلبه، وبررت له بأن المجموعة خضعت لتدريبات طويلة، وأنه إن أراد القيام بعملية فدائية، فليأتِ لاحقاً إلى بيروت من أجل تدريبه وإعداده، وسيكون له ذلك. فأجاب أنه يحسن استخدام السلاح، وأنه صياد بارع في تونس، وهنا تدخّل القبطان جورج لإقناعه، فوافق المهندس على مضض، لكنه لم يقتنع، وفاض دمعه حين عرف أن المجموعة تمكنت من الوصول إلى فلسطين.
  • "كان الأخ أبو جهاد، قد زودني بمبلغ مالي لإعطاء كل فرد من المجموعة الفدائية مبلغ 3000 دولار، إلّا إنهم رفضوا أخذ المبلغ، على اعتبار أنه بعد استشهادهم، سيأخذ الاحتلال تلك المبالغ.
  • "لم نبقَ في ليبيا 6 أشهر مثلما كان مطلوباً منا، إذ طلبنا من الأخ أبو العبد تأمين خروجنا، مع عدم تحميله المسؤولية عن هذا القرار، وفعلاً غادرنا أنا وسامي إلى قبرص، ومن هناك اتصلت بالأخ أبو جهاد الذي لم يتقبّل ما قمنا به. بقينا، سامي وأنا، في قبرص شهراً واحداً، ثم غادرنا إلى بيروت.
  • "عندما عدت إلى بيروت سلمت الأخ أبو جهاد مبلغ 38,000 دولار، وهو ما تبقّى من الـ 100,000 التي سلّمني إياها قبل المغادرة؛ وكنت قد أعطيت طاقم السفينة البالغ 18 شخصاً، مبلغاً منها
  • "بمجرد وصولي إلى بيروت، توجهت إلى مكتب (فتح) في شارع أبو سهل، لمقابلة الأخ أبو جهاد، وكانت معي الحقيبة التي تضم وصايا المجموعة وشريطَي كاسيت. قابلت أحد الإخوة، وأخبرني أن الأخ أبو جهاد موجود في عمليات صيدا.
  • "بعد اللقاء بأبو جهاد في صيدا، وبعد العناق الطويل، كان سؤاله الأول لي عن الـ 12 ساعة التي لم تكن ضمن الخطة.
  • "أكمل سامي حياته في قبرص باسم مغاير وهوية أُخرى، وأصيب بـ "جلطة" قلبية، حين سمع باغتيال الأخ أبو جهاد، وتوفي بعد أعوام.
  • "في سنة 1988، اعتُقلت 13عاماً في سجون إحدى الدول العربية." 

*** 

دلال.. صرتُ "بنتاً للبلاد"

دلال المغربي

 

ولدت دلال المغربي في سنة 1958، في منطقة كورنيش المزرعة في بيروت. درست في مدارس "الأونروا"، وانتمت إلى "الزهرات" في حركة "فتح"، ولم تكن قد تجاوزت الثامنة من عمرها. ثم أكملت مسيرتها تدريباً وتجهيزاً وصولاً إلى اختيارها ضمن مجموعة عملية "كمال عدوان".

خاضت التدريبات على العملية، كما غيرها من الشبان، ويقول بهاء شاتيلا: "كانت دلال تتصرف مثل أي واحد منا، وكانت قوية الشخصية، وموضع ثقة الأخ أبو جهاد." ويضيف أن "دلال كان لها مهمة إضافية هي شدّ عزيمة شباب المجموعة، ورفع معنوياتهم في أثناء التدريبات وتنفيذ العملية".

وكان بين المجموعة شاب هو عبد الكريم جعفر (عبودي)، خطيب الشهيدة دلال، وكان الاثنان فدائيَّين في عداد كتيبة "أبو يوسف النجار" وحدة "الرشيدية"، وهناك اختيرا بين عشرات الفدائيين، ليخضعا مع آخرين لتدريبات خاصة، من أجل تنفيذ عملية "كمال عدوان".

في أثناء التدريبات، تعرّض عبودي لإصابة في فخذه تسببت بدخوله المستشفى، وخضوعه لعلاج منعه من المشاركة في العملية. وعندما عاده خليل الوزير (أبو جهاد) في المستشفى، طلب عبودي منه تأجيل العملية إلى أن يتماثل للشفاء، كي يتمكن من المشاركة في العملية مع دلال ورفاقها، كما طلب منه أن يُزفّ إلى عروسه دلال قبل تنفيذ العملية. لم يخبره أبو جهاد بقرار عدم مشاركته، لكنه هدّأ من روعه وقال له إنه سيشارك، وإن الزفاف سيتم بعد نجاح العملية وعودتهما ليكون العرس عرسَين.

انطلقت العملية، ونفذتها المجموعة المكونة من 13 فدائياً لم يكن عبودي بينهم. استشهدت دلال، ولم تعد.. بقيت هناك في فلسطين، وصارت "بنتاً للبلاد". لم يقتنع خطيبها بأن تستشهد دلال وحدها، فكان يجوب البحر في زوارق الصيادين في مخيم الرشيدية وهو يحمل السلاح، بقصد الاشتباك مع زوارق الاحتلال، لكنه لم ينجح في ذلك، على الرغم من تكرار التجربة عدة مرات.

محاولة أخيرة نجحت، لكن ليس في البحر. فقد استشهد عبودي مع 4 فدائيين آخرين في عملية "حانيتا" التي نُفذت في كانون الأول / ديسمبر 1980، وذلك خلال اشتباك مع وحدة من الجيش الإسرائيلي لاحقتهم إلى منطقة مجدل زون في الجنوب اللبناني.

تمكنت دلال من أن تكون بين "إخوتها" قائدة وقدوة، وأن تبني مع رفاقها جمهورية على الأرض الفلسطينية المحتلة، يمكن أن نسميها "جمهورية دلال"، فقد رفعت العلم الفلسطيني على مقدم الحافلة التي احتجزت المجموعة فيها الجنود.

استشهدت دلال وكان من المفترض أن يُسلَّم جثمان دلال خلال تبادل الأسرى في سنة 2008، لكن إسرائيل ادعت أن "تيارات تحت الأرض" سحبت الجثة من مقبرة الأرقام. فبحسب صحيفة "هآرتس" (١٥ أيلول / سبتمبر ٢٠٠٨)، دُفنت دلال في مقبرة الأرقام بالقرب من جسر "آدم" في الأغوار.

 

المصادر:

[1] أبو جهاد: خليل الوزير، من مواليد مدينة الرملة في 10 تشرين الأول / أكتوبر 1935. اسمه الكامل خليل إبراهيم محمود الوزير، وهو أحد مؤسسي حركة "فتح" وجناحها المسلح "العاصفة"، ونائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني، وفي المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وفي المجلس المركزي الفلسطيني. اغتيل في ضاحية سيدي بوسعيد في تونس في 16 نيسان/ أبريل 1988.

[2] تحفّظ شاتيلا عن ذكر اسمه لأنه في موقع مسؤولية الآن، وربما لا يرغب في الإفصاح عن دوره في هذه العملية.

[3] انظر بيان العملية في: غازي الخليلي، "العملية"، "مجلة شؤون فلسطينية"، العدد 77 (نيسان / أبريل 1978)، ص 48.

[4] المصدر نفسه، ص 44. ويبدو أن الصحافة الإسرائيلية حرّفت كلام فياض للتقليل من شأن العملية وهدفها، على اعتبار أن بيانات العملية أوضحت عدة أهداف سياسية، علاوة على الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين، وليس خمسة معتقلين فقط مثلما ورد في الصحف الإسرائيلية.

[5] عزمي الزّْغَيّر: من مواليد الخليل في 2 آذار / مارس 1937، وهو أحد أبرز القادة العسكريين في حركة "فتح"، وعضو المجلس الثوري للحركة، والمجلس العسكري الأعلى لقوات "العاصفة"، وأحد المخططين لعملية "كمال عدوان" وعملية "فندق سافوي". عُيّن مسؤولاً للقطاع الغربي، واستلم قيادة القوات المشتركة في صور حين اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني في سنة 1978 إلى نهر الليطاني. استشهد خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، في منطقة صور في 8 حزيران/ يونيو 1982، ولا يزال جثمانه محتجزاً في مقابر الأرقام حتى اليوم.

[6] الشهيدة دلال سعيد المغربي (الاسم الحركي جهاد، من مواليد بيروت 1958)؛ الشهيد محمود علي أبو منيف (الاسم الحركي أبو هزاع، من مواليد نابلس 1960، وهو قائد المجموعة)؛ الأسير حسين فياض (الاسم الحركي أبو جريحة، من مواليد غزة / خان يونس 1960)؛ الشهيد أبـو الرمــز (هو اسم حركي لشاب عمره 18 عاماً)؛ الأسير خالد محمد إبراهيم (الاسم الحركي أبو صلاح، من مواليد الكويت وكان عمره في حينه 18 عاماً)؛ الشهيد حسين مراد (الاسم الحركي أسامة، من مواليد المنصورة / لبنان 1961، كان عمره 15 عاماً، وهو أصغر عناصر المجموعة)؛ الشهيد حمد حسين الشمري (الاسم الحركي أبو حسن، من مواليد شمر / اليمن 1958)؛ الشهيد خالد عبد الفتاح يوسف (الاسم الحركي عبد السلام، وهو من مواليد طولكرم 1957، وغرق قبل أن تصل المجموعة إلى هدفها)؛ الشهيد عبد الرؤوف عبد السلام علي (الاسم الحركي أبو أحمد، من مواليد صنعاء / اليمن 1956، وقد غرق بعد أن انقلب الزورق)؛ الشهيد محمد محمود عبد الرحيم مسامح (الاسم الحركي فاخر النحال، مواليد طولكرم 1959)؛ الشهيد عامر أحمد عامرية (الاسم الحركي طارق بن زياد، من مواليد المنية / لبنان 1953)؛ الشهيد محمد راجي الشرعان (الاسم الحركي وائل، من مواليد صيدا / لبنان 1957)؛ المفقود يحيى محمد سكاف (الاسم الحركي أبو جلال، من مواليد المنية / لبنان 1959، أصيب في العملية، وتقول شهادات الصليب الأحمر إنه كان محتجزاً في السجون الإسرائيلية، ولم يعترف العدو بوجوده في سجونه).

[7] هو الحاج إسماعيل حسن عيسى أبو جبر، من مواليد دير البلح في 12 شباط / فبراير 1943. تولى قيادة القوات المشتركة في الجنوب اللبناني في إبان الغزو الإسرائيلي للبنان في سنة 1982. شغل منصب قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية بين سنتَي 1994 و2005، وأصبح لاحقاً عضواً في اللجنة المركزية لحركة "فتح".

[8] مجيد الآغا أو سفيان عبد الله الآغا من مواليد خان يونس في 15 نيسان / أبريل 1945. عمل في الأشهر الأخيرة من سنة 1970 ركناً للاستخبارات العسكرية في سورية والأردن، وكلّفه الشهيد أبو جهاد بتشكيل القوة الخاصة، ذراع النخبة المقاتلة المنوطة بالعمليات الفدائية داخل فلسطين المحتلة. انتُخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن محافظة خان يونس، وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وعضواً في المجلس الثوري لحركة "فتح". كما شغل منصب محافظ رفح. توفي في 27 نيسان / أبريل 2007.

[9] وجيه أبو غربية من مواليد مدينة الخليل في سنة 1943. التحق بحركة "فتح" منذ البدايات، وساهم في بناء القواعد الارتكازية في جنوب الأردن. تولى مهمة قيادة الكفاح المسلح في لبنان بين سنتَي 1986 و1991، وقبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سنة 1982 تولى مهمات عسكرية في منطقة صور. توفي في بيروت في 22 حزيران / يونيو 2012.

[10] أبو بكر يونس: من مواليد مدينة جالو شرق ليبيا في سنة 1940، تولى مهمات القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع بين سنتَي 1970 و2011. وقد قُتل في سرت خلال المعارك التي دارت هناك في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.

[11] هذه استطرادات من بهاء شاتيلا خلال تسجيل المقابلة التي جرت في بيروت بتاريخ 28 شباط / فبراير 2023، في الساعة 14:00 بعد الظهر.

مساحة إعلانية 970x90